ثقافة بسبب باقة زهور: أحد المصلّين يرفض إقامة الصلاة على جثمان تونسية والمخرج يونس بن حجرية يكشف التفاصيل
عبر المخرج يونس بن حجرية عن استنكاره الشديد لرفض أحد الأئمة اقامة الصلاة على جثمان جدته بعد أن كست الزهور جسدها. وتمسك الامام بموقفه قائلا "هذه بدعة هذا حرام، الورد حرام ففيه تشبه باليهود والنصارى".. وعاب بن حجرية عقلية بعض الشيوخ المتزمتين الذين يزايدون بتحريم وتحليل ما يحلو لهم.
وهذا ما كتبه المخرج بعد الواقعة الأثيرة التي مست كيانه، وهو الذي أغدقت عليه جدته بحبها وعلمته كيف يزرع الورد في حديقتها:
"الزهور حرام ...
في البداية كنت اظن أن الحياة تنطفىء في هذه الدنيا حتى يكون بمقدورنا نحن الجمهور ان نشاهد الموت وأن نشاهد الجنازة تتحرك ببطء ولكن بعد ان تنطفئ الحياة لحب لك ويستقر كل واحد في مقعده بارتياح واسترخاء فهمت أن هناك سبب أكثر أهمية لانطفاء الحياة الا وهي الحياة نفسها ...
انطلقت الحياة بين أحضان رائحتها... رائحتها لانها تحمل رائحة خاصة ونظيفة جدا. قصصها كل ليلة عبرة. ودعاؤها لكل الناس كل يوم.. شعر في كلامها مع نغم.. لذة في طعامها... دقة في نسيج كلامها وصوفها... مخزن لروح جميلة... كل شيء لديها يقسم بالتعادل بين الأفراد وان كان بعيدا... أكثر من مائة شخص تعرفهم بالاسم من الصغير للكبير لا تخطئ في أحد وكل له دعاء خاص... تونسية حرة تكره الموت لمن يحاول الاقتراب منه وتتمنى المنية لها حتى ينتهي خالي من شراء الدواء... لا ترهق أحدا..
حتى وفاتها خفيفة.. لها ابنة بين الحياة والذاكرة قالو لها إن أمك ذهبت فرفضت وقبلتها وتحدثت معها وجلست دون دموع ولم يقبل عقلها الوفاة.

اليوم زرعت فوق نعشها الورد والاكليل لنقل روحها في أحلى حلة كما فعلت لإنسانيتي... تابعت خطوتها في بطء مع صوت عبد الباسط في نشوة التصوف خلف تلك الورود التي أسالت دم الحب من اصابعي حين حان قطافها..
استغرب البعض من الورد الذي يغطي جسدها وفي الجامع رفض مصلي أو امام أن يصلي عليها قائلا "هذه بدعة هذا حرام، الورد حرام ففيه تشبه باليهود والنصارى... حرام" ونطق لساني مع أنني تعلمت ألا أفسر ما أفعله للناس، ﻷن ذلك يوهمهم بأن لديهم الحق في معرفة ما أفعله. نطق لسان يدافع عن عطر اختلط بعطر دمي..
"وعلاه ماهو أديان سماوية اليهود والنصارى، وربي قالك تمن بهم يعني عندي الحق نشبه بيهم ولو كان الورد حرام فكيف سيكون لون جنتك؟ ونطق ابن خالتي بعد أن أكمل صلاة العصر : انا ابنها واعشق الحرام ولا نريد ان نستمع لدروسك في الدين .. "
هذا الشيء لا يعرف ان هذه الزهور زرعتها في عقليتي وأنها ألوان حب للانسان وأنها علمتني كيف ازرع الورد في حديقتها وان أعتني بها إلى أن صارت فوق جسدها.. لم يأخذ مني عزيمة حمل روح جميلة تصعد إلى السماء ليبقى جسدها تحت الثراء.. وصار التراب يقفز على مطابق ليختفي جسدها ولاحظت حجرة سقطت على جسدها ففكرت بكل صدق مع نفسي في أن أخرجها لمدواتها وارجاعها... دموعي ترسم اسمها على وجهي وعطرها يدخل أركان عقلي وصورتها تتحرك في الثانية 24 مرة وكأنني أصور فيلما... نعم كانت الكاميرا بين يدي أحاول في كل لحظة أجد فيها الحياة بين الموت أن اصور لقطة من الموت في هذه الحياة... سهرت من أجلها ليالي ولكن هناك من سهر الليالي كلها...
حب حياة زهور
"المرء لا ينتمي لأي مكان مادام ليس فيه ميت تحت التراب"
غ غ ماركيز
كلمات تحت تأثير العطر والإرهاق.. المعذرة لأنني نشرت دون تدقيق لا للغة ولا للاحاسيس."